عندما يجتمع عملاقان ( محمد عبده ) و ( بدر شاكر السياب ) سيكون هناك حدث .. ليس كأي حدث .. عندما يتعاون الاسمان الرائعان سنتذوق روعة .. وحاولوا ان تبدلوا الراء و العين في كلمة روعة .. حتى تعرفوا كيف تبدو الكثير من الأغاني التي ( توزعها ) اقصد تلفظها شركات الإنتاج الرخيصة هذه الأيام .. ان هذه الأغنية ليست كبقية الأغاني .. الاسم (أنشودة المطر ) كلمات ( بدر شاكر السياب ) لحن وغناء ( محمد عبده ) .. أنها أغنية تعري كثير من الأغاني هذه الأيام .. وتسود وجوه من ينعقون بهذه الأغاني .. ان هذه الأغنية كالطوفان الجارف الذي يجرف كل ما هو غير أصيل .. وهذه القصيدة تحتاج إلى مروض موسيقي كي يتعامل مع عنفوان كلماتها .. وجاء الرائع ( محمد عبده ) ..
ولكن قبل أن يحملنا إلى زرقة السماء بهذه المقطوعة الرائعة جعلنا نعيش في جو من العصافير المغردة بمقدمة موسيقية يؤكد بها انه مطرب غير عادي يرفض الكلمات العادية والألحان التي تنتهي قبل أن تبدأ .. ليبدأ بعد تلك المقدمة بالمقطع الأول:
عيناكِ غابتا نخيل ٍ ساعةَ السَّحر
أو شُرفتانِ راح ينئى عنهما القمر
عيناكِ حين تبسِمان تورِقُ الكُروم
وترقصُ الأضواء كالأقمارِ في نهر
يرجُّه المجداف وهنا ًساعة السَّحر
كأنما تنبضُ في غوريهما النَّجوم
أنشودة المطر
مطر....مطر...مطر
* * * * * *
يقول محمد عبده انه استغرق ثلاث سنوات ليلحن هذه القصيدة التي تحتاج تعاملا خاصا مع كلماتها .. و فعلا تشعر أن الجملة تأخذ حقها من صوت وحنجرة هذا الطير المغرد .. ويتألق اكثر واكثر ويتألق السياب في كلماته التي قيل عنها إنها قصيدة حديثة من الصعب أن تروض اقصد تلحن .. ليفوز عبده بالرهان ويثبت أن روعة الكلمات لو امتزجت بروعة اللحن سيكون هناك فن ذو مستوى متألق .. فكل كلمة في هذه القصيدة أغرقت في بحر من اللحن الذي تستحقه ليعبر عنها فقط
تثاءبَ المساء والغُيوم ماتزال ..
تسِح ما تسِح .. مِن دُموعِها الثقال
كأنَ أقواسَ السَّحاب تشرب الغُيوم
وقطرة ً فقطرة ً تذوبُ في المطر
وتغرقانِ في ضبابٍ مِن أسن شفيف
كالبحر سرَّح اليدين
فوقه المساء .. دفءُ الشِتاء ..
وأرتِعاشةُ الخريف
ويهطلُ المطر...
مطر..مطر...مطر
* * * * * *
في لحن محمد عبده إبداع .. فكل كلمة ملحنة بطريقة تعبر عن معناها .. فمثلا حين يقول أتعلمين ... تشعر أنت بهذا التساؤل ... و كل جملة تجعلك تتساءل .. كيف فعلها .. كيف وضع لها لحنا
أتعلمين..
أيَ حُزن ٍ يبعث المطر ..
وكيف .. يشعُرُ الوحيدُ فيه بالضَّياع ...
كأنَّ طِفلاً باتَ يهذي قبل أن ينام
بأن أُمَّه الَّلتي أفاقَ مُنذُ عام فلم يجدها ..
ثُم حين لجَّ في السؤال
قالوا له : بعدَ غد ٍتعود لابدَّ أن تعود..
فتستفيقُ مِلءَ روحي نشوةُ البُكاء
ورعشة ٌ وحشية ٌ تُعانِقُ السَّماء
كرعشةِ الطِّفلِ إذا خافَ مِن القمر
مطر..مطر...مطر
* * * * * *
نجح محمد عبده في عجن هذه الكلمات بموسيقى شرقية خليجية ولم يقف عاجزا ولم يستكثرالوقت الذي قضاه في تسخير هذه الكلمات ليقدم لنا طبقا شرقيا أعادنا إلى حقيقة لم يصل إليها الكثير من المطربين في عصرنا الحالي ألا وهي الفن الحقيقي..
ومُقلتاكِ بي تطيفانِ مع القمر
وعبرَ أمواجِ الخليج تمسح البُروق
شواطيءَ الخليج بالنَّجومِ والمحار
كأنها تهمُ بالشَّروق
أصيحُ بالخليج ... ياخليج ..
ويرجعُ الصَّدى كأنه النشيج ..
أصيحُ بالخليج ..
ياواهبَ الَّلؤلؤِ والمحارِ والرَّدى
وأسمع الصَّدى مِن لُجَّةِ القرار
وينثرُ الخليج مِن هِباتِه الكِثار
في كلِ قطرةٍ مِن المطر
هي إبتسامٌ في إنتظارِ مبسمٍ جديد
أو حلمةٌ تورَّدت على فمِ الوليد
في كلِ قطرةٍ مِن المطر ..
في عالم الغدِ الفتي..واهبِ الحياه
ويهطِلُ المطر ..
مطر...مطر...مطر
أنشودة المطر
كلمات / بدر شاكر السَّياب
الحان / محمد عبده
منقول
للإستماع والتحميل :
[url=http://www.6rbtop.com/song.php?album_id=324&artist_id=29]أغاني محمد عبده[/url]
لقراءة القصيدة كاملة
[url=http://www.adab.com/modules.php?name=Sh3er&doWhat=shqas&qid=21]بدر شاكر السياب[/url]