[table:d195 dir="rtl" width="95%" align="center" border="0" cellpadding="3" cellspacing="3"][tr][td][right][color:d195=black][b]عمـــــى الــــــــدبب ... بقلم : سمار تلدره[/b][/color][/right]
[/td] [td:d195 width="20%"][/td] [/tr] [tr] [td:d195 colspan="2" valign="top"][right]
[color:d195=black][b]عندما يخاطب الرجل لأول مره بكلمة عمّو يصاب بنوع من التناقض
والذهول فها هو قد بلغ الذروة وبدأ الخط البياني لعمره بالانحدار[/b][/color]
[color:d195=black][b]
بعد بكّير...... بعد بكّير [/b][/color]
[color:d195=black][b]
كان الرجل الأربعيني يفتل شاربيه شارد الذهن وقد سرح في المدى البعيد يفكر في أمر
ما... ذاهلاً عمّا حوله.[/b][/color]
[color:d195=black][b]
صباح الخير عمّو قالتها الصبية المغناج بصوت كأنه الموسيقى، [/b][/color]
[color:d195=black][b]
انتفض كالملسوع وقال في سره : (عمّو !!!! اي وعمى الدبب بتطلعي قد ستي .. قال عمو
قال !!!)[/b][/color]
[color:d195=black][b]
أهلاً صباح النور... أهلاً وسهلاً ، كيف ممكن أخدمك ... وسرح في جمالها الأخاذ ...
لم يسمع سؤالها أبداً... أبداً.. بل شرد في سحر عينيها ولم ينتبه من غفلته إلا
عندما قالت وقد رفعت من نبرة صوتها قليلاً : شو عمّو ما عم تسمع؟؟؟ أجاب :" والله
ما بعرف ". [/b][/color]
[color:d195=black][b]
قلبت شفتيها وتركته وقد ظهرت عليها علامات دهشة أعطتها بريقا ًوتألقاً وسحراً
وأدارت ظهرها له مسرعه. [/b][/color]
[color:d195=black][b]
ركب الرجل سيارته ونظر في مرآتها بعصبية ..لاحظ أن شعره قد طال قليلاً وأن بعض
الشيب قد بدأ يغزو سالفيه ، كما انتبه الى أن خطوطاً أخذت تتشكل متوازية على جبينه
و تغضنات خفيفة حول عينيه، أدار المحرك وضغط عدة مرات على دواسة البنزين بعصبيه
وانطلق وهو لا يدري أين يتوجه ، فكلمة "عمّو" صفعت وجدانه بقوه ،[/b][/color]
[color:d195=black][b]
وكرر في سره " ولوّ " ..ولوّ !!! كتير... كتير بعد بكير ع هالكلمة ".. البعض من
جيلي لم يتزوجوا بعد. [/b][/color]
[color:d195=black][b]
قالْ عمو قالْ...عمى الدبب قالها بصوت مرتفع.[/b][/color]
[color:d195=black][b]
حاول تذكّر سؤال الصبية دون جدوى ولكن صوتها لا يزال يرنّ بأذنه كما أن صورتها
انحفرت عميقا ًفي خياله وربما لن ينسى شعرها الأسود الفحمي الذي انسدل كغلالة من
حرير حتى اسفل ظهرها فيما طفقت تتمايل بمشيتها كفرس أصيل.[/b][/color]
[color:d195=black][b]
توقف عند محل للحلاقة ودلف بسرعة .. حملق في المرايا متأملاً تفاصيل وجهه متنقلا ً
ببصره بين عدة مرايا ، ثم اعتلى الكرسي بخفه وطلب من الحلاق أن يستعجل بقص شعره
قائلاً : [/b][/color]
[color:d195=black][b]
حلاقه شبابية من فضلك.[/b][/color]
[color:d195=black][b]
وضع الحلاق إزاراً مخططاً بالأسود والأبيض كحمار وحشي حول عنق الرجل وبدأ بقص
الشعر.[/b][/color]
[color:d195=black][b]
أثارته طقطقة المقص بلا مبرر وانتبه أن كل ما يسقط على تلك الخطوط السوداء هو شعر
ابيض فانتفض وقال بعصبيه:[/b][/color]
[color:d195=black][b]
"لك العمى ضربك غيّر لي هالبرداية.."... زنخه.. زنخه كتير غيّرها... غيّرها بسرعة
، وأخرج كلتا يديه من تحتها وحاول نزع الفوطة المربوطة بإحكام حول عنقه و بحركات
هستيرية ..[/b][/color]
[color:d195=black][b]
"زنخه؟! والله العظيم يا عمّو نضيفه أقسم الحلاق مرتبكاً ببراءة " .. فازدادت
عصبية الرجل وقد صفعته مجدداً كلمة "عمّو" وقال للحلاق الشاب بنزق : "عمى الدبب
أنا جدّو مو عمّو"[/b][/color]
[color:d195=black][b]
بدل الحلاق الفوطة بأخرى بيضاء وتابع عمله حيث هدأ الرجل قليلاً بعدما لاحظ خصل
الشعر الأسود تتدحرج أمام ناظريه واعتذر من الحلاق المذهول ، ولكنه أصرّ أن الفوطه
ليست نظيفه بل زنخه جداً وشدد ..جداً.[/b][/color]
[color:d195=black][b]
تأمل في المرآة قليلاً فشعر بالرضى ثم نقد الحلاق ورقه نقدية وخرج لا يلوي على شيء.[/b][/color]
[color:d195=black][b]
ركب سيارته بهدوء وسرح بخياله في مشية الفتاة " الفرس " التي عكّرت صباحه وكرر
مرات متعددة بصوت مسموع : عمى الدبب.[/b][/color]
[color:d195=black][b]
استفاق من شروده على صوت أغنيه وديع الصافي من مذياع السياره:[/b][/color]
[color:d195=black][b]
أديش حلــوي هالشيبــي....بتنأط حسن وهيـــبه[/b][/color]
[color:d195=black][b]و
لو كنا بالعمر كبار.... عنّا ألوب ولاد ظغار[/b][/color]
[color:d195=black][b]
مين آل الهوى عيبي...[/b][/color]
[color:d195=black][b]
انسجم مع الأغنية وهو ينظر الى مرآة السيارة تارة وأمامه تارة أخرى الى أن توقف
بجانب أحد الصيدليات وسأل البائعة بتلطف واضح : في صبغات شعر رجالي ؟ قالت الفتاة :
" أي عمّو عالرف عندك "..[/b][/color]
[color:d195=black][b]
فهتف بسرّه : اي العمى شو صاير لهالبشر ؟؟؟ وعمى الدبب ... وانسحب من الصيدلية دون
أن يشتري[/b][/color]
[color:d195=black][b]
ودون أن يلتفت للبنت التي كررت عمّو عمّو.. وين...[/b][/color]
[color:d195=black][b]
تعكّر مزاجه ثانية وأسرع الى بيته ، وهو يتمتم : عمّو؟؟!!!! [/b][/color]
[color:d195=black][b]
بحث طويلاً على الرفوف وفي أدراج مكتبه وأخيراً وجد ضالته .. إنه شريط تسجيل قديم
.. نفض عنه الغبار برفق ووضعه في آلة التسجيل ورفع الصوت على أقصاه بعد أن وضع
الآلة بجانب باب الحمام [/b][/color]
[color:d195=black][b]
حيث انطلق صوت ناظم غزالي صادحاً: عيرتني بالشيب وهو وقار[/b][/color]
[color:d195=black][b]
ودخل للاستحمام... استخدم ليفه جديدة وفرك وجهه بقسوة حتى كاد أن يجرح وجنتيه ..
فرك جبهته ... [/b][/color]
[color:d195=black][b]
وسرح مع صوت ناظم غزالي الذي يصل اليه عبر باب الحمام المفتوح.[/b][/color]
[color:d195=black][b]
نظر إلى المرآة وشعر بالرضى عندما لاحظ تورم وجنتيه واحمرارهما حتى ليكاد الدم ينفر
منهما[/b][/color]
[color:d195=black][b]
وقال:[/b][/color]
[color:d195=black][b]
بعد بكّير.. بعد بكّير[/b][/color]
[color:d195=black][b]
قال[/b][/color]
[color:d195=black][b]
عمّو[/b][/color]
[color:d195=black][b]
قال ...[/b][/color]
[color:d195=black][b]أي
وعمى الدبب [/b][/color][/right]
[/td][/tr][/table]