[color:682f=#008080][font:682f=Arabic Transparent][size=25]محمد الماغوط.. السخرية هي ذروة الألم...[/size][/font][/color]
[color:682f=#333399][font:682f='Arabic Transparent']ذات يوم شتائي بارد ولد محمد الماغوط في مدينة السلمية التابعة لمحافظة حماة السورية في شباط 1934 وكسائر فقراء ذلك الزمان الذين لم تسعفهم الحال للتحصيل العلمي، لذا كانت طفولته على قدر من البؤس والحرمان الذي تمرَّد عليه لاحقاً في القراءة وفي البحث عن أداته لمواجهة الظلم، وربما عثوره على تلك الأداة التي هي الكلمة فتحت أمامه درباً زرع على جنباتها شجرة الباسق، شعراً ومسرحاً وكانت تلك الكلمة كما تقول زوجته سنيّة صالح هي بمقدار ما تكون في الحلم طريقاً نحو الحرية، نجدها في الواقع طريقاً إلى السجن، وهكذا عرف الماغوط مبكراً السجون، وخلف قضبانها بدأ يصوغ نصَّه بمفرده جعلته واحداً من كبار شعراء الحداثة، وكتاب المسرح في عالمنا العربي.[/font][/color]
[color:682f=#333399][font:682f='Arabic Transparent']هذا الرجل النسر العتيق الذي جمع حطام الأيام وأقام عزلته خلف جدار مليء بالصور والذكريات، تقرأ على مائدته سيرة شاعر مسكون بالتمرد هذا الرجل الذي يمنحه صوت فيروز أملاً جديداً، لكي تعرفه أكثر سل عنه رفيقة عمره آخر النساء في خيمة حزنه زوجته سنية التي تقول إنه ولد في غرفة مسدلة الستائر اسمها الشرق الأوسط، ومنذ مجموعته الأولى "حزن في ضوء القمر" وهو يحاول إيجاد بعض الكوى أو توسيع ما بين قضبان النوافذ، ليرى العالم ويتنسم بعض الحرية وذروة هذه المأساة هي في إصراره على تغيير هذا الواقع وحيداً، ولا يملك من أسلحة التغيير إلا الشعر، فبمقدار ما تكون الكلمة في الحلم طريقاً إلى الحرية نجدها في الواقع طريقاً إلى السجن، ولأنها - أي الكلمة - كانت دائماً إحدى أبرز ضحايا الاضطرابات السياسية في الوطن العربي، فقد كان هذا الشاعر يرتعد هلعاً إثر كل انقلاب مرّ على الوطن، وفي إحدى هذه الانقلابات خرجت أبحث عنه كان في ضائقة وقد تجره تلك الضائقة إلى السجن أو إلى ما هو أمرّ منه، وساعدني انتقاله إلى غرفة جديدة في إخفائه عن الأنظار. غرفة صغيرة ذات سقف واطئ حشرت حشراً في إحدى المباني بحيث كان على من يعبر عتبتها أن ينحني.. ينحني وكأنه يعبر بوابة ذلك الزمان.[/font][/color]
[color:682f=#008080][font:682f=Arabic Transparent]"ضع منديلك الأبيض على الرصيف [/font][/color]
[color:682f=#008080][font:682f=Arabic Transparent]واجلس إلى جانبي تحت ضَوْء المطر الحنون [/font][/color]
[color:682f=#008080][font:682f=Arabic Transparent]لأبوح لك بسرّ خطير[/font][/color]
[color:682f=#008080][font:682f=Arabic Transparent]اصرف أدلاءك ومرشديك [/font][/color]
[color:682f=#008080][font:682f=Arabic Transparent]وألق إلى الوحل أو إلى النار بكل ما كتبت من حواشي وانطباعات [/font][/color]
[color:682f=#008080][font:682f=Arabic Transparent]إن أي فلاّح عجوز [/font][/color]
[color:682f=#008080][font:682f=Arabic Transparent]يروي لك في بيتين من العتابا كل تاريخ الشرق [/font][/color]
[color:682f=#008080][font:682f=Arabic Transparent]وهو يدرّج لفَّافَته أمام خيمته[/font][/color]
[color:682f=#008080][font:682f=Arabic Transparent]أحب التسكع والبطالة ومقاهي الرصيف ولكنني أحب الرصيف أكثر، [/font][/color]
[color:682f=#008080][font:682f=Arabic Transparent]أحب الغابات والمروج اللانهائية ولكنني أحب الخريف أكثر، [/font][/color]
[color:682f=#008080][font:682f=Arabic Transparent]أحب الشهيق والزفير ورياضة الصباح[/font][/color]
[color:682f=#008080][font:682f=Arabic Transparent] ولكنني أحب السعال والدخان أكثر".[/font][/color]