من وحي المسير الرياضي إلى جبل البلعاس

[b]الجزء الأوّل من موضوع:
من وحي المسير الرياضي إلى جبل البلعاس
بعنوان:{محميّة البلعاس....}
********************************
وكمسيرنا الرياضي الذي نفذناه عبر الطبيعة الخلابة في منطقتي القدموس، ومصياف ،وقرى ريف سلمية،أدعوكم أصدقاءنا في النافذة السياحية لمنتدى تلدرة، ومن جديد كي تستمعوا بمرافقة أصدقاء سلمية في مسيرهم الرياضي والبيئي إلى محميّة البلعاس على صفحات هذا المنتدى...
*************************************************************************************************************************
الموضوع....
انطلقت بنا دروب المسير الرياضي لهذا الأسبوع إلى أطلال محميّة البلعاس،هذه الدروب الوعرة والصعبة المسالك بالنسبة لأصدقاء المسير،وبالنسبة للحافلات التي أقلتنا من سلمية غرباً، إلى نهاية الطريق المعبّد عند قرية (رسم التنباك)الواقعة على مشارف البلعاس شرقاً؛وخلال هذه المسافة التي تجاوزت الخمسين كيلومتراً ،
وعلى امتداد الطريق الرئيس الذي يربط بين سلمية وبلدة عقيربات،كنّا نعبر في طريقنا قرى هامة ومعروفة(تلتوت ـ بري الغرب والشرقي ـ إميل ـ عكش ـ سوحا ـ حمادي عمر،وصولاً إلى عقيربات) ورغم أنّ هذا الطريق الريفي الرئيس مزدحم في معظم الأوقات لأنه يربط بين البادية وتدمر من جهة، وحماه وسلمية من جهة ثانية،إلا أنّ انطلاقنا المبكر عند الساعة السادسة والنصف من صباح هذا اليوم،سهّل على الحافلات التي تقلنا قطع المسافة بوقت قصير وميسّر،وما أن دخلنا حزام محميّة البلعاس،حتى تشعبّت الدروب،وتناثرت القرى على جانبي الطريق بشكل عشوائي،وأغلبها كان يبدأ اسمه بكلمة(رسم)مثل:رسم عدلة و رسم التنباك، وأعتقد أن ّ هذه التسمية جاءت من الأطلال الأثرية الباقية في هذه المناطق، والتي تدلّ على وجود حضارة عريقة، ومحطات عمرانية قديمة،على الطريق الممتدّة من تدمر إلى حلب عبر إسرية،وهذا ما أكده المختصون في تاريخ هذه المنطقة وآثارها،ومّا يثبت صحة هذا القول،ما اكتشفه المنقبون وعلماء الآثار في هذه المنطقة التي كانت معمورة سابقاً،وجود معلم أثري قديم ،اكتشف مؤخراً في قرية (رسم التنباك)،يعود إلى الألف العاشر ق.م،وهو يمثل المرحلة الانتقالية،لنهاية العصر الحجري الوسيط،وبداية العصر الحديث،(بداية الزراعة)،أو بتعبير آخر،نهاية مرحلة الصيد،وبداية الاستقرار والزراعة،وهذا الأمر أكده لي أحد الأصدقاء المهتمين بهذا النوع من الدراسات التاريخية والأثرية.
وعند نهاية الطريق المعبّد في (رسم التنباك)وبداية الطريق الترابي الممتدّ عبر شعاب ووديان وتلال البلعاس؛بدأ مسيرنا الرياضي.. ترجلنا من الحافلات،وانطلق أصدقاء المسير يحثون الخطا في طريق أفعواني
*************************************************************************************************************************
[url=http://www.herosh.com][img]http://img103.herosh.com/2010/01/17/137008297.jpg[/img][/url]
*************************************************************************************************************************
يصعد أحياناً إلى ذرا الهضاب، والتلال المحيطة بنا من كلّ جانب،وتارة أخرى يهبط إلى بطون الأودية، التي حفرتها مياه الفيضانات،فشكلت مجرى خاصاً بها،وخلفت وراءها الحصى والحجارة والحفر التي تعترض هذه الطريق الصعبة المسالك،وخاصة على الحافلات التي سارت كالسلحفاة الوئيدة في زحفها، خلف أصدقاء المسير،وعلى امتداد مجاري هذه الوديان،كنت تشاهد تجمعاً لبعض شجيرات البطم،وأحياناً تجد أنّ جذور إحداهن،التي جرفت السيول كلّ الأتربة والرمال والحصى من حول جذعها،ترى جذورها ملتفة حول بعضها البعض،ومتشابكة،وكأنها مجموعة من الأفاعي الرقطاء وقد التفت وتعقدّت وتشابكت في حزمة واحدة
*************************************************************************************************************************
[url=http://www.herosh.com][img]http://img103.herosh.com/2010/01/17/387547532.jpg[/img][/url]
*************************************************************************************************************************
وعلى جانبي هذا الطريق البلعاسي في مسالكه،توزعت التلال الصخرية، انحدر من كلّ فرجة بين تلّ وآخر شعب،أو مسيل للماء،تناثرت في منحدره أشجار البطم،وعلى حواف أطرافه نبت الشيح الذي مايزال يابساً،ومابين أطراف الوادي وسفوح تلك الهضاب،كنت ترى بداية لظهور مروج خضراء،نبت كلؤها، وأزهرت بعض أقاحيها
************************************************************************************************************************
[url=http://www.herosh.com][img]http://img103.herosh.com/2010/01/17/619544819.jpg[/img][/url]
*************************************************************************************************************************
في هذه المحميّة ،بعد أن أغاث الله هذه المنطقة مؤخراً،وشهدت هطولات مطرية غزيرة،تبشر بموسم خيّر ومراع خصبة،لأهالي هذه المنطقة الرعوية،والذين يعتمد معظم دخلهم ومعيشتهم على ما تنتجه أغنامهم،والأغنام بدون مرعى ،تصبح عبئاً على صاحبها،الذي لايستطيع تأمين العلف الباهظ الثمن لها،فيضطر لبيعها بأبخس الأسعار،وهذا يؤدي إلى فقدان بلادنا لجزء كبير من الثروة الحيوانية،التي من المفروض أن ننميها،لا أن ننقصها، كما حدث في سنوات القحط الأخيرة ،والذي عرفته هذه المراعي في منطقتنا وباديتنا السورية.
ولكنّنا كجمعيّة أهلية،ندعو إلى وقف الرعي الجائر في محميّة البلعاس،لأنه يساهم بشكل فعال على التصحر،وعلى انقراض أعشاب، ونباتات رعوية وطبيّة اشتهرت بها محميّة البلعاس بشكل خاص، والبادية السورية بشكل عام،ومن على صفحات هذا المنتدى نوجّه نداء إلى كلّ القائمين على حماية هذه المحميّة من الصيد والاحتطاب والرعي الجائر
*************************************************************************************************************************
[url=http://www.herosh.com][img]http://img103.herosh.com/2010/01/17/819886768.jpg[/img][/url]
*************************************************************************************************************************
أن يبادروا فوراً إلى فرض أشد العقوبات بحق المخالفين والعابثين،وخاصة قطعان الماشية التي شاهدنا كثيراً منها يرعى في المنحدرات والوديان،وفوق ذرا الهضاب والمروج المعشوشبة مجدداً، بعد أن رويت بماء السماء.
دعواتنا وابتهالنا دوماً إلى الله عزّ وجلّ أن يغيث بلادنا،ويسقي محمياتنا بوابل من المطر الغزير،والعرب تسمي: كما يقول(ابن قتيبة الدينوري) في مؤلفه(أدب الكاتب):
والعرب تسمى النَّبت "نَدًى" لأنه بالمطر يكون، وتسمِّي الشحم "ندًى" لأنه بالنَّبت يكون.قال ابن أحمر:

كَثَوْرِ العَدَابِ الفَرْدِ يضرِبُهُ النَّدَى == تَعَلَّى النَّدَى في مَتْنِهِ وتَحَدَّرَا

فالندى الأول: المطر، والندى الثاني: الشحم.
ويقولون للمطر: "سَمَاء" لأنه من السماء ينزل، قال الشاعر:

إذا نَزَلَ السَّماءُ بأرضِ قومٍ == رَعَيْناهُ وإنْ كانُوا غِضَابَا

وأضعَفُ المطر: الطَّلُّ وأشدُّهُ: "الوَابِلُ" ومنه يكون السَّيل، قال الشاعر:

هوَ الجَوَادُ ابنُ الجَوَادِ ابنِ سَبَلْ == إنْ دَيَّمُوا جَادَ وإنْ جادُوا وَبَلْ
يريد أنه يزيد عليهم في كل حال، وقال الله تعالى: (فإنْ لمْ يُصِبْها وَابِلٌ فَطَلٌّ) يريد أن أكلها كثير اشتدَّ المطر أو قلَّ.
وعلى ذروة هذه التلال المطلة على الوادي بمجراه العريض الطويل الملتف،يشدّ انتباهك منظر الجروف الصخرية المتدرجة على شكل مصاطب في حتّها وتآكلها نتيجة للظروف المناخية التي شهدتها هذه الأوابد عبر السنين،وتوضع هذه الصخور على شكل صبّات بازليتية من الصخور الصماء ذات اللون الكامد،
وفي أكثر الأحيان يلفت نظرك وجود كهوف ومغاور محفورة في طيات ذلك الريف الصخري المتدرج بطبقاته وتوضعاته نحو الوادي،والجانب الآخر المواجه لهذه الكهوف وفي منبسط الوادي وعلى ضفته المقابلة كنت تلحظ بقايا أوابد أثرية حجرية لبناء كان قد شيّد في غابر الأزمان،وأطلالاً دارسة لبئر كان يستخدم لجمع المياه في أيام الشتاء الممطرة
*************************************************************************************************************************
[url=http://www.herosh.com][img]http://img103.herosh.com/2010/01/17/114957216.jpg[/img][/url]
*************************************************************************************************************************
وتخزينها لاستخدامها للشرب والاغتسال في أيام الصيف القائظة،وهذه الأطلال الدارسة ذكرتنا بما كان يمهّد له شعراؤنا في العصر الجاهلي في مقدماتهم الطللية ، من وصف لآثار ديار الحبيبة، ومن سكن هذه الديار،كما يقول الشاعر(طرفة بن العبد)في مقدمة معلقته:

لِخَولَةَ أَطلالٌ بِبُرقَةِ ثَهمَدِ == تَلوحُ كَباقي الوَشمِ في ظاهِرِ اليَدِ
وُقوفاً بِها صَحبي عَلَيَّ مَطيَّهُم == يَقولونَ لا تَهلِك أَسىً وَتَجَلَّدِ

ومن العصر الحديث مقلداً القدماء قول الشاعر العراقي(ابن الطباطبائي):

ولقد وقفت على الديار مسائلا == عن أهلها بطوامس الأطلال
أخفي السؤال بها ويعجم ربعها == ومن الضلال سؤال ربع خالي

هذا وقد عاب بعض الشعراء المحدثين، على القدماء وقوفهم على الأطلال كما ذكر الشاعر(أبو نواس) عباسي،في قوله:

عُج لِلوُقوفِ عَلى راحٍ وَرَيحانِ == فَما الوُقوفُ عَلى الأَطلالِ مِن شاني
لا تَبكِيَنَّ عَلى رَسمٍ وَلا طَلَلٍ == وَاِقصِد عُقاراً كَعَينِ الديكِ نَدماني
سُلافُ دَنٍّ إِذا ما الماءُ خالَطَها == فاحَت كَما فاحَ تُفّاحٌ بِلُبنانِ

صديقي القارىء،تمعّن كيف أنّ أبا نواس كان مفتوناً منذ ذلك الوقت بتفاح لبنان؟؟
ونحن بدورنا نتمنّى على اللجنة المنظمة لأصدقاء المسير الرياضي،تنفيذه على الساحة اللبنانية، ليكون شهيّ المذاق، كتفاحها الذي سحر به شاعر الخمرة أبو نواس.
وعلى سفوح هذه التلال وبين ثغرات شعابها تناثرت أشجار البطم،وكثيراً ماترى في ذروتها أشجاراً يتيمة، انتصبت جذوعها في الفضاء،وكأنها تريد أن تذكر بالأيام الخوالي لجبل البلعاس،عندما كان أيكة متشابكة من أشجار الغابة الطبيعية في أعالي التلال وفي أسفل الوديان،وأنّ الزائر لمحميّة البلعاس كان يمشي تحت ظلال أشجار دوحها الكثيف الملتف،أينما سار واتجه.وعندما كانت(معاصي البلعاس) مسكناً للوحوش الضارية،ومأوى لكلّ هارب من وجه السلطة العثمانية المستبدّة آنذاك ، وكانت كهوف ومغاور البلعاس في ذلك الوقت ملاذاً لكلّ هارب من وجه العدالة،مظلوماً أكان أم ظالماً.
*************************************************************************************************************************
[url=http://www.herosh.com][img]http://img101.herosh.com/2010/01/17/423039923.jpg[/img][/url]
*************************************************************************************************************************
ما أجملك يا جبل البلعاس،عندما كنت في الماضي القريب،وليس البعيد،محميّة طبيعية،تسرح في سهوبك قطعان الظباء(الغزلان) تتبعها أرآمها(الرّئم:ولد الظبي،والأنثى:رئمة) وكأنها قطعان الماشية التي رأيناها اليوم ترعى في محميّة البلعاس ووراءها طليانها(خرافها).يقول امرؤ القيس في معلقته:
قِفا نَبكِ مِن ذِكرى حَبيبٍ وَمَنزِلِ == بِسِقطِ اللِوى بَينَ الدَخولِ فَحَومَلِ
تَرى بَعَرَ الآرامِ في عَرَصاتِها == وَقيعانِها كَأَنَّهُ حَبُّ فُلفُلِ
ويقول ابن الطباطبائي(شاعر عراقي)من قصيدة جميلة،تناسب معانيها، مغاني البلعاس وأجوائه الريفية البدوية:
بدوية حضرية قمرية == قمرية شتى صنوف لغاتها
عرضت تشوب حضرة ببداوة == فأبان عن لغطين لغط قطاتها
تمش قصير الخطو بين لداتها == إن أسرعت مشي القطا بأناتها
عيناء أن عنَّت لعينك خلتها == نشأت مع الآرام في غابتها

وما أجملك يامحميّة البلعاس وقد عششت فوق أغصان أشجارك الطيور النادرة،من قطا ودرغل وسمّن، ودرج في شعابك، وبين صخورك، وفوق ذراك طير الدرّج،الذي أصبح نادراً في هذه الأيام.ولقد عبّر الشاعر علي محمود طه من مصر،عن وحشة المكان بعد أن فارقت مغانيه وسكناه، كلّ هذه المعاني الجميلة،التي تحدثنا عنها في محميّة البلعاس الطبيعية،يقول :

وادي الهوى ولَّتْ بشاشةُ دهرهِ == وخَلَت مغانيهِ من الآرامِ
طارت صوادحهُ وجفَّ غديرهُ == وذوى بشطَّيهِ النضيرُ النَّامي
قد كُنَّ أُلَّافي ونزهةَ خاطري == وسماءَ وحي الشعرِ والإلهامِ
وأردّد مع الشاعر قوله:
هل من نشيدكِ ما يجدد لي الصِّبا == ويعيدُ لمحة ثغره البسَّامِ
ويصور الأحلامَ فتنةَ شاعرٍ == تُوحي الخيالَ لريشة الرسَّامِ
مع أطيب الأماني....وعلى أمل أن ألقاكم في الجزء الثاني من هذا الموضوع، وهو بعنوان(فرح الأصدقاء.... في مسير البلعاس).
وندعوكم من خلال صفحات هذا المنتدى لزيارة (محميّة البلعاس)ومن المؤكد لن تندموا،فأهلاً وسهلاً بكلّ الزوّار.
سلمية في /17/1/2010
الصديق: حيدر حيدر


الجزء الثاني من موضوع:
من وحي المسير الرياضي إلى جبل البلعاس
بعنوان:{فرح الأصدقاء..... في مسير البلعاس}
ومما زاد من فرح وغبطة وراحة أصدقاء المسير في هذا اليوم،هو جمال الطقس حيث كان الجو سديمياً،والغيوم البيضاء والداكنة أحياناً، تحجب أشعة الشمس عنّا،
ونسمات الهواء الشرقية الباردة نسبيّاً، تداعب وجوهنا الساخنة من حمى الرياضة البدنية المتعبة، ولكنها بلا أدنى شك المفيدة للشباب منّا، والكهول على السواء.والتي قطع فيها الأصدقاء في مسيرهم هذا اليوم،مسافة تجاوزت العشرة كيلومترات،حيث تواصل خطّ سيرهم دون استراحة، من رسم التنباك،إلى محميّة الواسعات،الواقعة على مشارف (فنوش)وهي منطقة معروفة لسكان الحضر والبدو في تلك المنطقة.
وكعادة أصدقاء المسير،الذين هم أصدقاء البيئة،ومنذ أن افترشنا بساط البلعاس في واديه الرملي،لتناول طعام الإفطار والمشروبات الساخنة من متة وقهوة وشاي،
وزع علينا أعضاء اللجنة المشرفة على المسير(بروشوراً) يتمنون فيه على الأصدقاء، وأصدقاء الأصدقاء، الالتزام بما يلي:
1ـ ارتداء لباس رياضي مريح ،واصطحاب مطرة ماء،وحقيبة ظهر.
2ـ الامتناع عن التدخين حتى في السيارة التي تقلنا، أو إشعال نار في الغابات.
3ـ الامتناع بشكل قطعي عن تناول المشروبات الروحية.
4ـ عدم الاقتراب من البساتين أو المحاصيل،لأنها نتيجة جهد وتعب أصحابها،ولا أحد منّا يحبّ أن يأخذ أحد نتيجة جهده.
وهنا لابدّ أن أشير إلى رغبة بعض الأصدقاء في إشعال نار بغرض التدفؤ عليها،
لأنّ الجوّ كان بارداً بعض الشيء،عندما جلسنا لتناول الإفطار،ولكنّ المشرفين وبشكل أدبي منعوهم من ذلك،وحتى لانساهم في الوقوع بالخطأ الذي كان ارتكب قديماً وما زال يرتكب،أيام كانت غابة محمية البلعاس ولا تزال،موضع احتطاب جائر من جميع سكان الريف المجاور،بغرض تغذية المواقد والمناقل ـ التي تنتشر بكثرة في بيوت الشعر وفي المضافات ـ،بحطب البلعاس والنباتات العشبية كالشيح الذي ينبت بشكل طبيعي في بوادي وسهوب وآكام محميّة البلعاس،وكم كان لرائحة اشتعال هذا النوع من الحطب،من رائحة عطرة وزكيّة،تجعلنا دوماً نتذكرها عندما نستنشق روائح اشتعال المازوت أو الغاز في مدافىء بيوتنا ومحالنا التجارية،وكلنا يتذكر تلك الحكمة لشاعر التجديد في الشعر العباسي،(أبو تمام) قال:
إذا أراد الله أن ينشر فضيلة طويت ، وعملاّ خيّراَ مغموراً، بين الناس،فإنّه يسلط عليه لساناً حاسداً، فينشره،مثل عود الحطب ذو الرائحة الزكيّة والعطرة،فإنّك لاتعرف طيب وعبق رائحته الزكيّة،إلا إذا أشعلت به، أو فيما جاوره النار:

وَإِذا أَرادَ اللَهُ نَشرَ فَضيلَةٍ == طُوِيَت أَتاحَ لَها لِسانَ حَسودِ
لَولا اِشتِعالُ النارِ فيما جاوَرَت == ما كانَ يُعرَفُ طيبُ عَرفِ العودِ

وأصدقاء المسير...وبدون لسان حاسد،أو بدون إشعال نار في حطب البلعاس،
روائحهم العطرة تنتشر في كلّ مكان يتواجدون فيه،عن طريق ثقافتهم البيئية والفكرية،وعن طريق حسن تنظيمهم وانضباطهم مع أنفسهم أولاً، ومع البيئة ثانياً، ومع تعاملهم اللطيف المهذب مع الآخرين ثالثاً،فهم بحق وجدارة أصدقاء البيئة.
ولذلك وبعد أن ينتهوا من تناول الطعام والشراب في أيّ مسير؛ يحرصون كلّ الحرص على جمع الفضلات ووضعها في أكياس خاصة ورميها بعيداً،ليبقى رداء الطبيعةـ التي استراحوا فوق بساطهاـ نقياً ونظيفاً من أية أدران وأوساخ.
ويلقون التحيّة على كلّ من يصادفونه في مسيرهم بمودّة واحترام.
وفي مسير اليوم ،و كمثل كلّ مسير،عبّر الأصدقاء عن فرحهم وغبطتهم بجمال طبيعة البلعاس،عن طريق الأهازيج والرقصات والدبكات الشعبيّة والألعاب الرياضية........
*************************************************************************************************************************
[url=http://www.herosh.com][img]http://img103.herosh.com/2010/01/17/940988574.jpg[/img][/url]
*************************************************************************************************************************
وعلى صوت أغاني وموسيقى الألحان الفلكلورية المنبعثة من مسجل السيّارة التي أقلتنا في مسيرنا، وفي أجواء حميميّة دافئة،أدفأت النفوس قبل الأجساد، رقص شباب وصبايا المسير،وعقدوا حلقات الدبكة الشعبيّة،ونفذوا بعض الألعاب الرياضية المسليّة والمفيدة، بينما أخذ باقي الأصدقاء يهتفون ويصفقون لهم
وهم يتناولون مشروباتهم الساخنة، ويرددون وراءهم ما كانوا يغنّونه مع صوت مسجل السيارة،لقد فرحت الطبيعة لفرحهم......
************************************************************************************************************************
[url=http://www.herosh.com][img]http://img101.herosh.com/2010/01/17/296858635.jpg[/img][/url]
*************************************************************************************************************************
وردّدت الوديان والتلال صدى أهازيجهم وغنائهم،وتجمع بعض رعاة الأغنام حولهم،والذين طربوا لطربهم، يسمعون ويشاهدون احتفاء أصدقاء سلمية في مسير البلعاس.
وكما كان مسير البلعاس مسيراً ناجحا ًوجميلاً ومريحاً ومبهجاً لكلّ نفوس الأصدقاء،نتمنى لجميع من يقرأ (من وحي مسير البلعاس)،أن يشعر بالمتعة والفائدة.
وإلى أن نلقاكم في مسير قادم نتمنّى لجميع الأصدقاء: قرّاء ومشاركين على صفحات هذا المنتدى، أيام فرح ومسّرة وسعادة ، وللتعبير عن شعوري نحو أصدقاء المسير ،ونحو كلّ الأصدقاء الذين ألتقيهم على صفحات هذا المنتدى، في العام الجديد،أقول ما قاله الشاعر المصري(محمد شهاب الدين) الذي عبّر عن غبطته بقدومه،وفضل الصداقة عليه،داعياً ربّه أن يحفظها ويصونها:

عام المسرة قد أتى == فدعوا الكرى وتيقظوا
وادعوا لعين عناية == لذوي الصداقة تلحظ
لازلت أشكر فضلها == في كل ما أتلفظ
ولها أقول مؤرخاً == اللَه رب يحفظ

ونحن بدورنا،ندعو الله،أن يحفظ صداقتنا،ويديم محبتنا،لأنّه لايسرّ في مسير طويل كهذا المسير،لا راحلة تغني،ولاطبيعة فاتنة،أكثر من حديث الأصدقاء الشجي، الذي عبّر عنه الشاعر البحتري بقوله:

لَنا رِحلَةٌ لَم تَسرِ عَنها مَطِيَّةٌ == سِوى ما أَفادَ الأَصدِقاءُ وَلا رَحْلُ

ولأول مرّة سوف أعكس ذكرى أجواء المحبّة والصداقة في مسيرنا اليوم،و ذكرى مشاهد الطبيعة الخلابة للبلعاس ،في مثل هذه الأيام الشتوية من السّنة، من خلال بعض الصور المعبّرة عن معاني وأفكار هذا الموضوع، التي التقتطها لمسير هذا الأسبوع.
وندعوكم من جديد ومن خلال صفحات هذا المنتدى لزيارة (محميّة البلعاس)ومن المؤكد لن تندموا،فأهلاً وسهلاً بكلّ الزوّار.

الصديق: حيدر حيدر
سلمية في /17/1/2010[/b]

موضوع جميل

والأجمل الصور والمسير

نشاط حضاري ورياضي وثقافي

شكرا جزيلا سيد حيدر حيدر

جهد مميز ..... مشكور استاذحيدر