محاضرة عن (ثقافة الشباب) في تلدرة

[size=24]
[center][b][color:6f29=green][color:6f29=green]محاضرة عن (ثقافة الشباب) في تلدرة
[/color][/b][/size][/color][/center]

[table:6f29 class=contentpaneopen][tr][td:6f29 vAlign=top width="70%" colSpan=2][right][color:6f29=black][b]بقلم: خالد ديوب[/b] [/color][/right]
[/td][/tr][tr][td:6f29 vAlign=top colSpan=2][right][b][color:6f29=black]امتدت يد السيدة دعد صليبي، رئيسة المركز الثقافي العربي في تلدره، إلى الباحث والمفكر الأستاذ عطية مسوح وانتزعته لتضمه إلى قافلة المحاضرين الذين حاضروا في قرية تلدره. نذكر منهم الطيب تيزيني، د. عصام الزعيم، برهان بخاري، والمطران يوحنا إبراهيم والشيخ حسين شحادة ومهدي دخل الله وحسن حميد، وغيرهم من الأدباء والشعراء ورجال الدين. وقد كانت محاضرة الأستاذ عطية تحت عنوان ثقافة الشباب بين التسليم والتفكير مبيناً فيها أن الإنسان يستمر في التعلُّم لاستمرار حيوية العقل أحد خصائص الشباب. وبهذا المعنى يعد الشباب مستمراً ما دام المرء قادراً على التعلم وزيادة الخبرة. وتعد هذه الاستمرارية بعد مرحلة الشباب فيزيولوجياً من عناصر تكوين الشخصية إغناء ورفداً لمخزونها المعرفي. فسنوات الطفولة هي الأساس في التكوُّن النفسي للشخصية. وسنوات الشباب هي الأساس في تكونها الثقافي. من هنا يأتي اهتمام علماء النفس والمربّين بتنشئة الأطفال والشباب. ومن أهم المسائل التي تبرز أمام العاملين في الحقول الثقافية والنفسية والتعليمية هي العلاقة بين العلوم التخصصية والثقافة العامة. إذ وصل الأمر بالمهتمين بالعلوم التخصصية إلى الاستهتار بالثقافة العامة، حتى أصبح السؤال عن دور المعرفة التخصصي في إضعاف الثقافة العامة سؤالاً مشروعاً.
وقد عرف الأستاذ عطية الثقافة بأنها سلوك ومواقف تتضمن النزعة الإنسانية بمكونات أساسية ثلاثة هي: المعلومات، إدخال المعلومات في نسيج معرفي متماسك، القدرة على استخدام المعلومات والمعارف في السلوك اليومي والمواقف العملية والاستفادة منها في استيلادها معارف جديدة. وأكد مسألة ارتباط التعليم بالثقافة وتنشئة الشخصية المثقفة القادرة على الإسهام في حمل أعباء المجتمع وحل مشكلاته. وقال إنه برز تياران رئيسان بشأن تنشئة الشخصية المثقفة.
تيار يريد من التربية والتعليم تكوين شخصية مرتبطة بمصالح الفئات المهيمنة على المجتمع، تتسم بالطاعة والتسليم والقبول بما يأتي من الأعلى معرزاً فيها غريزة القطيع والتسلط على من هو أضعف.
وتيار يريد تكوين شخصية مثقفة مرتبطة بمصالح المجتمع العامة كما تحددها النزعة الإنسانية، قائمة على تقوية الشك والتمرد وإعمال العقل في كل مسألة، وعدم القبول التلقائي بما يأتي من فوق. مما يجعل العقل أقوى من الغرائز، يرفض الظلم ولا يخاف الأقوى والأعلى بل يؤيده ويحترمه إن رآه على صواب، ويعارضه إن رآه على خطأ.
كما تناول ثقافة الشباب في مجتمعاتنا العربية وارتباطها بالموروث، معززاً فيها النزعة الإيمانية على حساب النزعة العقلية دون أن يغفل دور المتنورين الذين ظهروا في مصر وبلاد الشام الذين طرحوا أفكاراً دعوا فيها إلى تحديث التعليم واستقلال المؤسسات العلمية عن المؤسسات الدينية والسياسية. لكن المجتمع التقليدي المتخلف لم يستطع حمل أفكار هؤلاء المتنورين ولم يستطيعوا هم تجذير أفكارهم في المجتمع لأسباب منها نخبوية الطرح والممارسة وموقف القوى الرجعية في وجه دعوات التنوير والتحديث ووقوف القوى القومية والاشتراكية على الحياد في الصراع الدائر بين القوى المحافظة والرجعية وبين تيار المتنورين.
وانتقد الأستاذ عطية الأساليب التقليدية في التربية والتعليم التي ترمي إلى تنشئة جيل مطواع انقيادي، واعتبار العقل مستودعاً للمعلومات لا أداة للتفكير. وهذا يتناغم مع ما يسود في بيوتنا من أساليب تربوية تعتمد على القمع والتسلط، وما يسود القوى السياسية الحاكمة والمعارضة التي تغرق في مدح الذات وذم الآخر، وتكوين شباب يؤيدون باندفاع ويمتنعون عن الانتقاد والرفض. والحصيلة ثقافة مشوهة لا تساعد على تكوين شخصيات فاعلة قادرة على مواجهة المشكلات. وعدد عيوب الثقافة المدمرة لبنية الشخصية مثل التثقيف بالأحادية المتأصلة بالتراث المتمثل بعدم فصل الدين عن التعليم، والنتيجة خلق العقل المتزمت والشخصية المتمحورة حول الذات، ولا ترى في الآخر مكملاً بل ترى فيه عدواً. والتثقيف بالتسليم والقبول بما جاء من السلف وعدم الشك بصحته ضمن سلسلة قبول الأبناء قول الآباء، وقبول الطلاب قول المعلمين، وقبول المواطنين ما تعلنه الدولة ويفعله المسؤولون، وقبول أعضاء الأحزاب صحة سياسة أحزابهم وتوجيهات قياداتهم. والمؤمنون يسلمون بأقوال رجال الدين ويقبلون أفعالهم.
سلسلة متواصلة من التسليم تلغي الشك والنقد والتفكير وتطوق عقل الإنسان وتحول حيوية الشباب إلى جمود. وليس مصادفة أن نجد الترابط الوثيق بين تقدم المجتمعات وبين التخلص من العقل التسليمي. فبالعودة إلى عصر التنوير وفلسفة العقل في أوربا تؤكد أن جوهر الأمر كان رفض التسليم والتمرد على المؤسسات التي كرست ذلك. وجاء بالتزامن مع اقتراح ديكارت منهج الشك في البحث المعرفي الذي يقوم على تبرئة العقل من الثوابت التي رسخها الموروث والتخلص من النزعة التقديسية في البحث أياً كان المقدس.
هذا وقد غصت المحاضرة بالشواهد الداعمة لخطر ثقافة التسليم والأحادية والخوف التي تؤسس لشخصية مطواعة غير فاعلة، وبالشواهد الداعمة لثقافة الشك والنقد والحوار وإعمال العقل التي تؤسس لشخصية فاعلة حرة مستقلة تجعل العقل قوة في وجه الغرائز. [/color][/b]


[b][color:6f29=black]خالد ديوب[/color][/b]

[color:6f29=red]للأمانه منقول[/color][/right]

[/td][/tr][/table]